قال: كان في
إمكانه أن يفعل ذلك.. ولكنه لم يفعل.. وليته فعل.. لقد سألني مرة عن نفسي، فذكرت
له أني ( حقود، حسود، كنود) فقال لي: ما في إبليس شر من هذه الخلال [1].
قلت: واكتفى
بذلك.
قال: بل فرح
به.. بل كتب إلي مرة يقول :( إنك عبد، طمت بك الأمور، فغلوت فيها، حتى عدوت طورك،
وجاوزت قدرك، أنسيت حال آبائك في اللؤم، والدناءة في المروءة والخلق؟ فعليك لعنة
الله من عبد أخفش العينين، أصك الرجلين، ممسوح الجاعرتين)[2]
ومما يدلك
على علمه بي ورضاه عن تصرفاتي أنه لما وليت الحرمين حظي عنده إبراهيم بن محمد بن طلحة،
فلما أردت الرجوع إلى الشام إلى عبد الملك بن مروان، وفد معي إبراهيم بن محمد بن طلحة
وقلت: أتيتك برجل الحجاز في الشرف والأبوة والفضل والمروءة يا أمير المؤمنين، مع ما
هو عليه من حسن الطاعة وجميل المناصحة، والله لم يكن في الحجاز له نظير، فبالله عليك
يا أمير المؤمنين، إلا فعلت معه من الخير ما هو مستحقه؟ فقال عبد الملك: من هو يا أبا
محمد؟ قال له: إبراهيم بن محمد بن طلحة، قال: يا أبا محمد لقد ذكرتنا بحق واجب ائذن
له في الدخول.
فلما دخل على
عبد الملك أمر بجلوسه في صدر المجلس ثم قال: إن أبا محمد الحجاج ذكر لنا ما نعرفه من
كمال مروءتك وحسن نصيحتك، فلا تدع في صدرك حاجة إلا أعلمتنا بها حتى نقضيها لك ولا
نضيع شكر أبي محمد الحجاج فيك.
قال إبراهيم:
إن الحاجة التي نبغي بها وجه الله تعالى والتقرب إلى النبي a في
القيامة نصيحة أمير المؤمنين. قال: قل! قال: لا أقولها وبيني وبينك ثالث، قال: ولا
صديقك