responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 102

وهذا هو خطر تلك المعارف التي نملأ بها عقولنا، والتي أملاها علينا أولئك المدنسون بالأهواء، حيث أنها لم تستعمر فقط مداركنا العقلية، وإنما استعمرت مداركنا الوجدانية، وتسللت بعدها إلى سلوكنا وأخلاقنا، وهذا ما جعلنا نزاحم الحقائق بالجهل، ونخلط اليقين بالظن، ونملأ بعد ذلك عقولنا شحوما زائدة، تملأه بالأمراض.

لست أدري هل فهمت قصدي ـ أيها الرفيق العزيز ـ بعد هذا المثال أم لا.. وإن لم تفهمه.. فاطرح على عقلك هذا السؤال، واجعله نوعا من الرياضة التي تطهره مما قد يؤذيه.

لاشك أنك قبل قراءتك لتلك التفاسير الكثيرة التي كنت تفخر بمطالعتها كل حين، كنت تقرأ القرآن الكريم، وكنت تقرأ سورة يوسف، وكنت أراك وأنت شاب يافع تمتلئ حبا لها، وإعجابا بيوسف عليه السلام الذي كان عندك مثالا للطهر والعفاف وكل الأخلاق النبيلة..

لكني بعد ذلك لم أعد أراك تذكره.. بل إني سمعتك مرة تنقل من أقوال المفسرين عنه ما أساء إليه أعظم إساءة، ولاشك أن ذلك قد سرى لوجدانك، فتغيرت تلك الصورة الجميلة لذلك النبي الكريم في نفسك بعد أن زاحمتَها بتلك الصور التي رسمها لك المفسرون، ومن المصادر التي اختلطت فيها الحقيقة بالزيف، واليقين بالظن.

نعم أنت الآن في نفسك تتصور أنك أكثر علوما.. لكن الحقيقة ليست كذلك.. بل أنت الآن أكثر شحوما.. وتحتاج إلى رياضات تأملية كثيرة لتطرحها عنك، وتخلص عقلك منها، فقد سرت إليه أمراضها، وجعلته يفكر بطريقة غير التي جبل إليها.

أنت الآن ـ أيها الرفيق العزيز ـ أسير لتلك الكتب التي سقطت عليك، وراحت تخنقك، وتمنعك من أن ترى الحقيقة، لأنك تخاف إن رأيتها أن تتبخر أكثر تلك العلوم التي تباهي بها، وتتوهم أنك تتميز بها عن سائر الناس.

نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست