ليس ذلك فقط ـ
أيها الرفيق العزيز ـ ما أردته بوصيتي هذه.. بل هناك ما هو أخطر منها.. فأنا أراك
تترك تطبق قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا
تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران:
103]، لتطبق ما أشار إليه قوله تعالى في حديثه عن أولئك {الَّذِينَ فَرَّقُوا
دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159]
أتعلم سبب ذلك..
إنه واضح أيها الرفيق العزيز.. وهو أنك لم تلتمس الحقيقة من أهلها، وإنما التمستها
من أعدائها.. لقد سمعتك تتهم تلك الفرقة الكريمة من فرق المسلمين بالقول بتحريف
القرآن من غير أن تتحرى، ولا أن تبحث، ولا أن تسافر إلى بلادها، ولا أن تسأل
علماءها.. بل اكتفيت بمصدرك المملوء بالأهواء، والذي لم يقصد من رميها بذلك إلا
تشويهها.. وكان في إمكانك أن تتحرى، وتبحث، لكنك لم تفعل.. لأنك أنت أيضا صرت تحب
تشويهها..
والحقيقة إذا
خضعت للأهواء صارت كذبا، وصارت شحوما زائدة، وضارة، لأنك يوم القيامة ستسأل عن تلك
الجرائم التي اقترفتها بسبب تلك الاتهامات التي أرسلتها من غير أن تتحرى، ولا أن
تتأكد.. بل كان قائدك الظن والهوى..
وهكذا أيها
الرفيق العزيز رحت تتعامل مع كل القضايا، فأنت تقرب المصادر التي تخدم هواك، وتبعد
المصادر التي تخالفه، مع أن الله تعالى أمرك بالعدل، وأن تتعامل مع كل شيء بما
يتطلبه من تحر وتدقيق وتحقيق.. وإلا وقعت أسير هواك.. وملأت عقلك بالقيود التي
تحول بينه وبين إدراك الحقائق.
لقد ذكر الله
تعالى ذلك، فقال مخاطبا نبيه المعصوم داود عليه السلام:: {يَا دَاوُدُ إِنَّا
جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا
تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ
عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}
(صّ:26)