responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 11

لا ليملأهم بالحقائق، وإنما ليملأهم بالانبهار، لا بالحقائق، وإنما بذاكرته وذكائه وقدراته، لتمتلئ عقولهم به، لا بالحقيقة.

والأعلم قد يكون صاحب لسان فصيح، وكلمات شاعرية عذبة، ولكنها لا تختلف عن ذلك الذئب الماكر أو الثعلب المخادع أو الصياد الذي ينصب الشباك لمن يريد أن يصطاده.

والأعلم قد يكون صاحب ذكاء حاد، يقسم الشعرة بذكائه، ويتكلم في جميع الفنون، وعن جميع الفرق، ولكنه لن يعلم أتباعه إلا الغباوة والغفلة، لأنه لا يدلهم على الحقيقة المطلقة، وإنما يدلهم على شخصه المقيد؛ فلا يرون الوجود إلا من خلال مرآته المحدودة والممتلئة بكل ألوان الكدورة والتشويه.

لذلك بدل أن تتوجه لمن تراه الأعلم، أو لمن يدعي لك أنه الأعلم، أو لمن تقوم كل وسائل البهرجة الإعلامية بتزيينه لك بكونه الأعلم.. اذهب إلى ذلك المنزوي في قعر بيته، أو في قعر سجن مظلم، فلعلك تجد عنده من التقوى الممزوجة بالعلم النافع ما يغنيك عن كل تلك الأنداد التي تريد أن تستعبدك من دون الله.

أيها الرفيق العزيز، بدل أن تبحث عن الأعلم ابحث عن الأتقى ذلك الذي يخشى الله، ويمتلئ له محبة وعشقا.. ذلك الذي فني عن ذاته في ذات رسوله وأوليائه، فلم يعد له ظل ولا رسم.. لعل حاله ينتقل إليك؛ فتشرب من بحار الحب المقدس ما يغنيك عن حانات الحب المدنس التي أوقعها فيكم من يدعي أنه الأعلم.

بدل أن تبحث عن الأعلم ابحث عن ذلك الورع الذي وزن حركاته بميزان الشريعة؛ فلا يتحرك إلا بما تملي عليه، لا يدخل عقله ولا أهواءه ولا آراءه ولا اجتهاداته معها، بل هو يسلم لها مثلما سلم إبراهيم لرؤيا ربه، فلم يذكر أنها أضغاث أحلام، ليتهرب من مسؤولية الأمر الإلهي.

نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 11
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست