ألا تعلم ما
آل إليه حال لبنى وبثينة وعزة وكل أولئك اللاتي تغنى بهن الشعراء، وجنت في سبيلهن
العقول.. إنهن الآن لسن سوى جماجم مختلطة بحجارة الأرض، أما ذلك البهاء، فهو مجرد
طلاء قد زال عنهن، مثلما زالت كل ألوان الطلاء.. فأخبرني هل تستحق تلك الجماجم كل ذلك
العناء؟
فلو أن قيسا
وكثيرا وجميلا.. التفتوا إلى جمال السماء الذي لا يذبل، والتفتوا لتلك الجواهر
المقدسة التي أعارتها السماء إلى الأرض، لما تثاقلوا إليها، ولأنشدوا لها أشعارا
جميلة لا يمكن أن تضاهيها تلك الأشعار التي أنشدوها في تراب الأرض الذي زين لهم
فاختصروا الحياة فيه.
أنا لا أدعوك
أيها الرفيق العزيز بأن تترك الأرض، فجسدك من ترابها.. ولابد أن تعيش فيها.. لكني
أذكرك بأن روحك من السماء.. وكما أعطيت لجسدك حقه.. فأعط لروحك حقها، فهي تتعذب،
لأنك غفلت عنها، وانشغلت بطينتك، والملائكة لم تسجد لطينك، وإنما سجدت لروحك.