تَملَّكتموا عقلي وطرفِي ومسمَعي
وَرُوحِي وأحشائِي وَكلي بأجمَعي
وتيّهتُمونِي فِي بديع جَمالِكُم
وَلَم أدر فِي مَجرَ الهَوَى أَينَ مَوضعي
وهكذا ذكر ذلك الفيلسوف الشهيد الذي عرف أن كل آلام البشر ليس لها إلا مصدر واحد، وهو الإعراض عن الله والغفلة عنه، فقال:
أبدا تحنّ اليكم الأرواح
ووصالكم ريحانها والرّاح
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم
وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
وهكذا قال الآخر في وصف بعض آثار ترياق محبة الله، وعلاجه لكل الآلام:
وإنْ خَطَرَتْ يَوماً على خاطِرِ امرئ امرِىء ٍ
أقامَتْ بهِ الأفْراحُ، وارتحلَ الهَمُ
ولو نَضَحوا مِنها ثَرى قَبْرِ مَيتٍ،
لعادَتْ إليهِ الرُّوحُ، وانْتَعَشَ الجسْمُ
ولو طرحوا في فئِ حائطِ كرمها
عليلاً وقدْ أشفى لفارقهُ السُّقمُ
ولوْ قرَّبوا منْ حلها مقعداً مشى
وتنطقُ منْ ذكري مذاقتها البكمُ
ولوْ عبقتْ في الشَّرقِ أنفاسُ طيبها
وفي الغربِ مزكومٌ لعادَ لهُ الشَّمُّ
ولوْ خضبتْ منْ كأسها كفُّ لامسٍ
لما ضلَّ في ليلٍ وفي يدهِ النَّجمُ
ولوْ جليتْ سرَّاً على أكمهٍ غداً
بصيراً ومنْ راو وقها تسمعُ الصُّمُّ
ولو أنّ ركْباً يَمّمَوا تُرْبَ أرْضِها،
وفي الرَّكبِ ملسوعٌ لماضرَّهُ السمُّ
ولوْ رسمَ الرَّقي حروفَ اسمها على
جبينِ مصابٍ جنَّ أبرأهُ الرَّسمُ
وفوقَ لِواء الجيشِ لو رُقِمَ اسمُها،
لأسكرَ منْ تحتَ الِّلوا ذلكَ الرَّقمُ
تُهَذّبُ أخلاقَ النّدامى، فيَهْتَدي،
بها لطريقِ العزمِ منْ لالهُ عزمُ
ويَكْرُمُ مَنْ لم يَعرِفِ الجودَ كَفُّهُ،
ويَحلُمُ، عِندَ الغيظِ، مَن لا لَهُ حِلْمُ
ولو نالَ فَدْمُ القَوْمِ لَثْمَ فِدامِها،
لَأكسَبَهُ مَعنى شَمائِلِها اللّثْمُ
هذه بعض آثار التواصل مع الله.. لذلك دع عنك أيها الرفيق العزيز كل تلك الدعاوى، وسر مع أصحاب الهمم العالية الذين لم يروا في الدارين غيره، ولم