وأهل بلدك، من يحلم بتلك
الوظيفة التي تتولاها، وذلك المرتبت الذي تتقاضاه، ولكنه لا يجد له سبيلا.. وأنت
لم تكتف بعدم النظر إلى ما أنعم الله عليك به، ولا بتركك لحمد الله عليه.. وإنما
رحت تشكو منه، وتزدر نعمة الله عليك به.
وهكذا لو نظرت إلى سقف بيتك
وغرفه.. وقارنتها بعشرات الآلاف أو مئات الآلاف من الذين لا يجدون مأوى، ويحلمون
بنصف البيت الذي تسكن فيه أو ربعه أو ربما عشره.. حتى لا يطاردهم الشارع، ولا
يتربص بهم الصعاليك.
وهكذا لو نظرت إلى ذلك الطعام
الذي تأكله، والشراب الذي تشربه، والأمن الذي تعيشه.. ورحت تقارنه بحياة المعدمين
والفقراء الذين قد لا يجدون ما يأكلون.. لعرفت أنك من المعدودين الذين صبت عليهم
أصناف النعم.
بل إنك لو تأملت حياتك، وما فيها
من ألوان الرخاء الذي لا تراه، ولا تشعر به، لوجدت أنك أفضل من قيصر وكسرى وكل
ملوك الأرض، فتلفزيونك الذي تحتقره، وهاتفك الذي تشكو من بطئه لم يكن لديهم مثله..
وكانوا يحتاجون إلى الكثير من الخدم والعبيد لأجل مصالح بسيطة تأتيك وأنت غافل
عنها لا تراها.
وهكذا لو رحت تنظر إلى نعمة
البصر التي حرم منها ا لمكفوفون، وإلى نعمة السمع التي حرم منها الصم، وإلى نعمة
الكلام التي حرم منها البكم، وإلى نعم السير التي حرم منها المقعدون.. وإلى نعمة
العقل التي حرم منها المجانين.. لوجدت أن الله أفاض عليك بحارا من النعم، أنت غارق
فيها، لكنك تتوهم أنك خال منها.
أعلم جيدا ما تقوله لك نفسك أيها
الرفيق العزيز، فأنت لم تُؤت من جهة قلة النعم التي أنعم الله بها عليك، ولكنك
أُتيت من مقارنة حالك بحال غيرك.. وهذا ما جعلك تقع في تلك الأخطاء الكثيرة.
فالله تعالى ابتلانا باختلاف
الدرجات في الدنيا، حتى نسارع في الخيرات التي