وهكذا نطق كل الحكماء، وأوصى كل
الورثة، فعليك بوصيتهم، وتمسك بالحبل الذي دلوك عليه، وسترى أن شياطين الإنس والجن
ستحاول أن تبعدك عنه، وستزين كل شيء لتصرفك عن حقائقه الجميلة.. لتضلك عن سبيل
الله، فإياك والالتفات إليها.. واصبر مع كلام ربك، لينقلك الله من حال المجاهدة
إلى حال المكافأة، وحين سيصبح القرآن مثل الهواء الذي تتنفسه، والذي لا تستطيع أن
تستغني عنه.
وقد قال بعض الحكماء يذكر تجربته
مع القرآن الكريم: (كابدت القرآن عشرين سنة، وتنعّمت به عشرين سنة)
وقال آخر: (كنت أقرأ القرآن فلا
أجد له حلاوة حتّى تلوته كأنّي أسمعه من رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم يتلوه
على أصحابه، ثمّ رفعت إلى مقام فوقه فكنت أتلوه كأنّي أسمعه من جبرئيل عليه
السّلام يلقيه على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، ثمّ جاء اللّه تعالى بمنزلة أخرى فأنا الآن أسمعه من المتكلّم به
فعندها وجدت له لذّة ونعيما لا أصبر عنه)
و قال آخر: (لو طهرت القلوب لم
تشبع من قراءة القرآن، وذلك لأنّها بالطهارة تترقّى إلى مشاهدة المتكلّم في الكلام)
وصدق هؤلاء جميعا، فالكلام دليل
على المتكلم، وقد قال الإمام الصادق: (واللّه لقد تجلّى اللّه لخلقه في كلامه ولكن
لا يبصرون)