لقد أشار الله
تعالى في القرآن الكريم إلى هذه العقدة.. عقدة الوصاية على الخلق.. وهي العقدة
التي مرض بها فرعون، حتى جعلته يدعي الألوهية.. لقد قال تعالى مخبرا عنه، وعن
مقولته: {مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38]
هذه مقولة
فرعون، وهي لا تختلف كثيرا عن المقولات التي ترددها كل حين.. فأنت أيضا تقول: (ما
علمت لكم من إله غير الإله الذي أعتقد به.. فمن خالف رؤيتي فقد خالف الحق المطلق)
ولذلك أوصيك
أيها الرفيق العزيز أن تتواضع لربك، وأن تعلم أنك عبد لله، وأن وظيفتك في هذه
الحياة أن تتعرف على الله، وأن تسلك السبيل إليه، حتى تنال القرب منه، ورضوانه..
أما خلق الله، فتعامل معهم بما يقتضيه السلام والمحبة والرحمة.. ثم تتركهم بعد ذلك
لله ربك وربهم.. فهو الديان الوحيد الذي يدينهم، والقاضي الوحيد الذي يحكم عليهم.
فأنت ـ أيها
الرفيق العزيز ـ لست عليهم بمسيطر، ولا عليهم بوصي، ولا عنهم بمسؤول.. فمن شاء
منهم فليؤمن، ومن شاء فليكفر.. ومن شاء فليتصوف، ومن شاء فليتزندق.. ومن شاء أن
يكون أشعريا أو ماتريديا أومعتزليا أو سلفيا أو شيعيا أو إباضيا.. فله ذلك.. بل له
أن يصير ملحدا أو علمانيا أو ليبراليا.. أو ما شاء له عقله من المذاهب والأفكار..
ودورك أيها
الرفيق العزيز في هذا الجو المشحون بالأفكار المتناقضة أن تؤدي دورك بكل هدوء
وأدب، وأن تعلم في نفس الوقت أن الله هو المهيمن على عالم الأفكار.. وهو الذي يربي
عباده بعد ذلك في حركة تكاملية توصلهم في الأخير إلى الحقيقة التي يريدها هو، لا
التي تريدها أنت..