فيبالغون في دفعهم وردّ منّتهم
عنهم؛ فصغرت الدنيا في أعين أهلها، وعظم قدر العلم عندهم نظرا منهم إلى أنّ العلم
لو لا جلالته ونفاسته ما آثره هذه الفضلاء على الدنيا، ولو لا حقارة الدنيا
وانحطاطها لما تركوها رغبة عنها، ولمّا أقبل علماء زماننا على الملوك وأبناء
الدنيا وبذلوا لهم علمهم التماسا لدنياهم عظمت الدنيا في أعينهم وصغر العلم لديهم
لعين ما تقدّم)[1]
هذه وصايا الحكماء وكلماتهم..
وإياك أن تفهمها بحروفها، وتبرئ نفسك بسبب ذلك.. فالأمير قد نسميه مديرا، وقد
نسميه وزيرا، وقد نسميه خفيرا.. والعبرة ليست بالأسماء، وإنما بالمسميات.. فارفع
قلمك عن المستنقعات، فأنت مسؤول عن كل حرف يكتبه.. وقد يدخلك الجنة، وقد يرميك في
طبقات الجحيم.