اشتدوا معه، وغضبوا عليه،
ينتهرهم، ويدعوهم إلى عدم التعرض له، بل يمنعهم من أن يقطعوا عليه بوله، فقال: (لا
تُزرِمُوه)
ثم ما إن انتهت حاله هذه حتى بدأ
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم بمعالجة ما دعاه إلى ذلك، وهو
جهله، فراح يعلمه بكل رِفق، وبكل سهولة، فلم يجد الأعرابي إلا أن يقول قولته
المشهورة، التي أضحكت رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحداً)[1]
وهي قولة تشير إلى أن ذلك الجلف
الغليظ الذي لم يتأدب مع بيت الله، وفي وجود رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، قد تحول بسبب ذلك التصرف إلى شخص آخر، أكثر محبة ولينا ورحمة.
وهكذا حدث بعض الصحابة قال: بينا
أنا أصلي مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إذ
عطس رجل من القوم فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم فقلت: (واثكل أمياه ما
شأنكم تنظرون إلي)، فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني لكني
سكت فلما صلى رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فبأبي
هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني
ولا شتمني قال: (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح
والتكبير وقراءة القرآن)[2]
وقد كان هذا السلوك النبوي داعية
لذلك الرجل، لأن ينطق بتلك الشهادة التي لا نزال نرددها: (ما رأيت معلماً قبله ولا
بعده أحسن تعليماً منه، فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني)
وهكذا حدث آخر،
قال: كنت أمشي مع رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وعليه رداء نجرانيّ