غليظ الحاشية،
فأدركه أعرابيّ فجبذه بردائه جبذة شديدة نظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، وقد أثّرت بها حاشية الرّداء من شدّة جبذته، ثمّ
قال: يا محمّد مر لي من مال الله الّذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم فضحك
ثمّ أمر له بعطاء)[1]
وهكذا حدث آخر،
قال: إنّ رجلا أتى النّبيّ a يتقاضاه فأغلظ، فهمّ به أصحابه فقال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم: «دعوه فإنّ لصاحب الحقّ مقالا». ثمّ قال: «أعطوه
سنّا مثل سنّه»، قالوا: يا رسول الله، إلّا أمثل من سنّه، فقال: «أعطوه، فإنّ من
خيركم أحسنكم قضاء»[2]
هذه هي أخلاق رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم.. وهي التي أثنى عليها قوله تعالى: {فَبِمَا
رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ
فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]
وأثنى عليها كل من عرف رسول الله
a، وأخلاقه العالية،
وقد قال أنس بن مالك يصفه، قال: (لم يكن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم سبابا،
ولا فحاشا، ولا لعانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: ما له، ترب جبينه)[3]
فلو أنك ـ أيها الرفيق العزيز ـ تعاملت
معهم بهذه السنة النبوية لكان أمرك معهم مختلفا تماما.. وقد ورد في بعض الأحاديث
ما يصور آثار التحكم في الغضب، وليتك قرأتها قبل أن تبدأ عملك في تلك الوظيفة
الخطيرة.
[1] البخاري- الفتح 6 (3149) . ومسلم
(1057) واللفظ له..
[2] البخاري- الفتح 4 (2306) واللفظ
له. ومسلم (1601)
[3] رواه أحمد 3/ 126 (12299) وفي 3/
144 (12490) والبخاري: 8/ 15 (6031) وفي 8/ 18 (6046)، وفي (الأدب المفرد) 430..