منجزات أسماء
الله الحسنى؛ فأسماء الله هي المفاتيح التي تُفهم بها حقائق الوجود والكون والحياة
والإنسان وكل شيء.. بل لا يمكنك أن تفهم سر ما تعرفه من أسماء من دون أن تمر على
أسماء الله الحسنى، تلك التي بني بها الكون، ولولاها لم يكن شيء في الأرض ولا في
السماء، وفي المكان أو في الزمان، أو في اللامكان ولا زمان.
فلولا اسم الله
البديع والمصور والجميل، والذي تزينت به أقطار السموات والأرض، ما رأيت لونا ولا
صورة ولا شيئا جميلا، ولا رأيت بعد ذلك فنانا، ولا مطربا، وكيف يمكن للفنان أن
يبدع في رسمه أو شعره أو فنه، وهو لا يجد جمالا يشحن به ذوقه، أو يعبر به عما رآه؟
فلذلك قبل أن
يهزك الطرب عند ذكر أسماء أعلام الفنون الجميلة؛ فليهزك الطرب والشوق لاسم ربك
البديع المصور الجميل الذي لولاه ما كنت صورة، وما كان فن، وما كان للجمال محل في
الكون.
وإن شئت أن
ترتقي في سلم المعارف قليلا، فتنسب الأمور إلى أهلها، وتترك الجحود ونكران الجميل؛
فلتعلم أن كل إبداع فني في الكون هو إبداع لخالق الكون.. ولذلك إن صح أن تشتاق
لشيء، فليكن شوقك إليه، وإن صح أن تملأ قلبك بحب شيء، فليكن حبك كله متوجها إليه؛
فلولاه لم يكن شيء.
ولذلك من الغبن
أن تحفظ كل أسماء الفنانين، ثم يغيب عنك اسمه، لأنه لولا اسمه لكانت كل تلك
المسميات التي تحفظ أسماءها مجرد أشباح وهياكل لا حياة فيها.
وهكذا؛ فإن كل
أسماء الفلاسفة والمفكرين والعقلاء التي تحفظها ليست سوى نفحات من أسماء الله
الحسنى التي لا نهاية لعطائها وكرمها وجودها، فلذلك لك أن تفرح بتلك الأسماء، ولكن
مصحوبة باسم مبدعها وملهمها ومعلمها، فلولاه لكان كل من تراهم من عقلاء مجرد
مجانين وصعاليك في الشوارع، لا قيمة لهم، ولا علوم لديهم،