الأحاديث التي
رويتها، ومعاذ الله أن أفعل ذلك، ولكني امرؤ شديد الحيطة، وأخاف أن أترك أسبابا
واضحة معلومة دقيقة متفقا عليها إلى أسباب وهمية، قد تكون وساوس شيطانية، أو بنات
لخدع النفس الأمارة، والتي تريد أن تخلص نفسها من كل تهمة، لترميها على غيرها،
وتستريح.
لقد رجعت ـ أيها
الرفيق العزيز ـ إلى كلام ربي الذي لا يختلف اثنان في صحته وقدسيته، لأسأله عن
أسرار كل المصائب التي حصلت في تاريخ البشرية؛ فلم يذكر لي العين، وإنما ذكر لي
المعاصي والذنوب والجرائم، وأعطاني سنة ذلك؛ فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ
يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ ﴾
[الرعد:11]، وقال: ﴿ ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّراً نّعْمَةً أَنْعَمَهَا
عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾
[الأنفال:53]
وعندما سألته عن
سر ذلك الدمار الذي أصاب القرى؛ فحولها من النعيم إلى العذاب، ومن السعادة إلى
الشقاء، لم يذكر لي العين، وإنما أجابني بقوله تعالى: ﴿ إِذَا أَرَدْنَا
أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ
عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا
﴾ [الإسراء: 16]، وقوله: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا
وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ
وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف:
96]، وقوله: ﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا
وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا
(8) فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا ﴾
[الطلاق: 8، 9]
وعندما سألته عن
سر الفساد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي، وكل ما تعانيه البشرية من مآس،
لم يذكر لي العين، وإنما أجابني بقوله تعالى: ﴿ ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ
بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾
[الروم:41]، وقوله: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}
[المائدة: 49]، وقوله: {أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ