أصحابه، وأنواع
الأحاديث التي يشتهونها، وكان في إمكانك، وأنت تطرح أسئلتك عليهم أن تصرفهم إلى
علم ينتفعون به، أو جهل يزيلونه، أو خدمة عامة يسارعون إليها، لكنك ـ ولعلمك بثقل أمثال
تلك الحديث عليهم ـ رحت تتودد لهم، وتسألهم عن الشخص الذي تعرف موقفهم منه جيدا.
وكانت فرصة لهم،
لأن يقوموا بإحضاره أمامك، ثم التفنن في تشريحه، وطبخه على نيران أحقادهم الهادئة،
ثم الشروع في أكله بعد نضجه؛ ثم وقفت وأنت تتفرج عليهم، وكيف ينهشون لحمه الميت
المحترق، وتتلذذ بذلك.
نعم لم أرك تحمل
شوكة ولا سكينا لتشاركهم في ذلك الطعام المسموم، ولكنك كنت أنت الذي أحضره إليهم
بذلك السؤال الذي تعرف مسبقا جوابه.. ولذلك كان وبال كل ما حصل له مرتدا إليك؛
فأنت صاحب الإثم الأول؛ فكما أن الدال على الخير كفاعله، فكذلك الدال على الشر
كفاعله.
والمصيبة الأعظم
ـ أيها الرفيق العزيز ـ هي أنك لم تنبس ببنت شفة لتنهاهم عن ذلك الأكل المسموم،
لأنك تتصور أن الأكل المسموم لا يوضع فقط إلا في المطاعم التي تغذي الجسد، مع أن
أخطر أنواع السموم هي تلك التي تصيب الروح والعقل والقلب؛ فتنزل بالإنسان من درجته
الرفيعة المكرمة إلى درجة أدنى من درجات البهائم.
لا تحسبن أني ـ
أيها الرفيق العزيز ـ أزعم لنفسي علم الغيب، أو الاطلاع على اللوح المحفوظ، أو
الشق على الصدور لمعرفة ما تكتنزه من خير وشر، ولكني ليقيني العظيم بما ورد في
النصوص المقدسة التي توضح حقائق الوجود كما هي من غير تزوير ولا تبديل ولا لف ولا
دوران، رأيت كل ذلك..
لقد سمعت ربي في
القرآن الكريم يعتبر كل كلام جارح ومؤذ في حق الآخرين نوعا من أكل لحومهم الميتة
المسمومة؛ فقد قال تعالى يعبر عن الحقيقة التي لا نراها