أيها الرفيق
العزيز.. لم أشفق عليك في حياتي مثل شفقتي البارحة عليك عندما رأيتك في مجلسك الذي
تعودتَ أن تجلس فيه، والناس جاثون أمامك، والدموع تنهمر من عينيك بشدة، وأنت تضطرب
اضطراب الحية خشوعا وتبتلا.. والجالسون بين يديك يؤمّنون بصوت مرتفع، ويبكون
لبكائك..
وأنا أيضا كنت
معكم أبكي، ولكن لا لبكائك، ولا لبكاء المحيطين بك، والمؤمّنين على دعائك، وإنما
عليك وعليهم شفقة وحزنا، فقد رأيتني وأنا خلفك، وأمام ذلك الجمع الذي جثا بين يديك
مثل أبي لهب وأبي جهل وأمية بن خلف، وهم يجثون وراء اللات والعزى باكين خاشعين
يطلبون منها أن تقضي على محمد a وصحبه الكرام، وتجتث
جذورهم في أول دعوتهم.
أو مثل أولئك
اليهود الذي رحل إليهم رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم،
وبدل أن يستقبلوه، وينصروه، ويبشروا بتلك النصوص المقدسة التي وردت في حقه، راحوا
يرفعون أيديهم إلى الله بمثل خشوعك، وخشوع من حولك، يطلبون منه أن يقضي على محمد a وأولئك الأبطال الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل نصرة
الإسلام، ومواجهة الأعداء الذين يتربصون به.
ولم تكن أنت ومن
حولك تختلف عنهم كثيرا، لأنك مارست نفس الجريمة التي مارسوها، ولم يكن من فرق بينك
وبينهم إلا أنهم دعوا اللات والعزى، أو غيرهما من الآلهة المزيفة، وأنت كنت تدعو
الله السميع المجيب.
أما دافع
الدعاء، فقد كان واحدا؛ فهم حقدوا على رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ومن معه من المؤمنين، وأنت أيضا، ومن معك، مارستم حقدكم على إخوانكم من المؤمنين
أو من