responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 81

وهكذا ذكرت لي، عندما حدثتك عن جرائم عبد الملك بن مروان، وأنه لم يكتف بقتل آلاف الأبرياء، عبر ولاته مثل الحجاج وغيره، بل راح إلى الكعبة يرميها بالمنجنيق، لكنك لم تلتفت لذلك، وكأن الكعبة ومعها تلك الألوف الذين قتلوا لا قيمة لهم عندك.

وعندما عاتبتك في ذلك ذكرت لي بتأثر شديد ما رواه الأصمعي عن أبيه عن جده قال: خطب عبد الملك يوما خطبة بليغة ثم قطعها وبكى بكاء شديدا ثم قال: يا رب إن ذنوبي عظيمة، وإن قليل عفوك أعظم منها، اللهم فامح بقليل عفوك عظيم ذنوبي.. وأنه عندما بلغ الحسن البصري ذلك بكى وقال: لو كان كلام يكتب بالذهب لكتب هذا الكلام [1].

وهكذا ذكرت لي عندما حدثتك عن هارون الذي قسم الدولة الإسلامية بين ولديه، وكيف تسبب ذلك في فتنة عظمى، لا نزال نعيش آثارها.. لكنك لم تبال بكل ذلك القتل والدماء، وإنما رحت تذكر لي دموعه التي أسرتك..

لقد قلت لي موبخا: دعك يا رجل.. فمن أنت ومن هو.. ماذا قدمت.. وماذا قدم.. ألم تسمع قصته مع الفضيل بن عياض، وكيف ذكر الرواة أنه (بكى بكاء شديدا حتى غشي عليه)[2] عندما سمعها.

وهكذا رحت تحكي لي حكايات الدموع التي ضُحك بها عليك، وعلى جماهير الناس الذين لا يلتفتون للضحية الذي بكى جسده دماء، وإنما يلتفتون لدموع القاتل، التي سرعان ما يمسحها، ويعود إلى لهوه ولعبه، ويخطط بعدها لجرائم جديدة.

ولو أنك ـ أيها الرفيق العزيز ـ عدت إلى كلام ربك المقدس، وإلى الأوصاف التي


[1] البداية والنهاية، (9/ 81)

[2] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (9/ 150)

نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 81
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست