responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 80

وهكذا ذكرت لي أنه لما دخل ضرار بن ضمرة عليه، فقال له ـ معاوية ـ: صف لي عليا؟ فقال له: أ وتعفيني من ذلك؟ فقال: لا أعفيك. فقال: (كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، ويحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطف الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل ووحشته. كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، ويناجي ربه، يعجبه من اللباس ما خشن، ومن الطعام ما جشب..)، وبعد أن وصفه بما وصفه به من القيم النبيلة والأخلاق العالية، والتي لم تلفت إليها جميعا، وإنما انبهرت بما ذكره الرواة من أن معاوية بعد أن سمع ذلك الوصف (وكفت دموعه على لحيته فنشفها بكمه، واختنق القوم بالبكاء)[1]

وقد حسبتَ أن ذلك البكاء شافعا له عند الله، وأنها مسحت كل تلك الحروب التي خاضها، وتلك التحريفات الكبرى التي أصاب بها الإسلام في قلبه بتحويل الحكم فيه إلى كسروية وقيصرية، وتحويل حقائقه إلى لعبة بين أيدي الملوك يقربون من شاءوا من العلماء، ويذبحون من شاءوا.

وهكذا ذكرت لي، وأنت متأثر تكاد تبكي دموع الحجاج بن يوسف، عندما حضرته الوفاة، وأنه قيل له حينها: ألا تتوب؟ فقال: (إن كنت مسيئاً فليست هذه ساعة التوبة، وإن كنت محسناً فليست ساعة الفزع)[2]، وأنه دعا حينها وقال: (اللهم اغفر لي فإن الناس يزعمون أنك لا تفعل)[3]، وقد تصورت أن ذلك كاف لغسله من جميع الجرائم، ليبعث كيوم ولدته أمه.


[1] لاستيعاب 3: 107، حلية الأولياء 1: 84..

[2] محاضرات الأدباء (4/495 )

[3] تاريخ دمشق (4/82) . والبداية والنهاية (9/138)

نام کتاب : لا تفعل نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 80
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست