أهل هذا الزمان؛
سماني موافقا، وإن وقفت في حرف من قوله أو في شيء من فعله سماني مخالفا، وإن ذكرت
في واحد منها أن الكتاب والسنة بخلاف ذلك وارد، سماني خارجيا، وإن قرأت عليه حديثا
في الإيمان سماني مرجئا، وإن كان في الأعمال، سماني قدريا، وإن كان في المعرفة
سماني كراميا، وإن كان في فضائل أهل البيت سماني رافضيا، وإن سكت عن تفسير آية أو
حديث فلم أجب فيهما إلا بهما، سماني ظاهريا، وإن أجبت بغيرهما، سماني باطنيا، وإن
أجبت بتأويل، سماني أشعريا، وإن جحدتهما، سماني معتزليا، وإن كان في السنن مثل
القراءة، سماني شافعيا، وإن كان في القنوت سماني حنفيا، وإن كان في القرآن، سماني
حنبليا، وإن ذكرت رجحان ما ذهب كل واحد إليه من الأخبار إذ ليس في الحكم والحديث
محاباة قالوا: طعن في تزكيتهم.. ثم أعجب من ذلك أنهم يسمونني فيما يقرؤون علي من
أحاديث رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم ما يشتهون من هذه الأسامي، ومهما وافقت بعضهم عاداني
غيره، وإن داهنت جماعتهم، أسخطت الله تبارك وتعالى، ولن يغنوا عني من الله شيئا،
وإني مستمسك بالكتاب والسنة وأستغفر الله الذي لا إله إلا هو وهو الغفور الرحيم)[1]
وهكذا اعتبر
الغزالي من (شغل نفسه بطلب رضا الناس عنه وتحسين اعتقادهم فيه) مغرورا، لأنه (لو
عرف الله حق المعرفة علم أن الخلق لا يغنون عنه من الله شيئاً؛ وأن ضرره ونفعه بيد
الله ولا نافع ولا ضار سواه، وأن من طلب رضا الناس ومحبتهم بسخط الله سخط الله
عليه وأسخط عليه الناس، بل رضا الناس غاية لا تنال، فرضا الله أولى بالطلب)[2]
هذه نصيحتي إليك
أيها الرفيق العزيز.. وما يهون تطبيقها لك ولي هو ترديدنا
[1] النص
لعبد الرحمن بن أبي عبد الله بن بطه، (توفي 470هـ)، وهو منقول بتصرف من الاعتصام
للشاطبي (1/ 28)