أيها الرفيق
العزيز.. مالي كلما حدثتك عن مواجهة الباطل، والداعين إليه، رحت تتحسس رأسك، وتردد
علي ما قال ذلك الجبان:
ألا
لا تلوماني على الجبن إنّني
أخاف
على فخارتي أن تحطما
ولو
أنّني أبتاع في السوق مثلها
إذا
شئت ما باليت أن أتقدّما
أو قول الآخر:
يقول
لي الأمير بغير نصح
تقدم
حين جدّ بنا المراس
ومالي
إنّ أطعتك من حياة
ومالي
بعد هذا الرأس راس
أو قول الآخر:
باتت
تشجّعني عرسي وقد علمت
أن
الشجاعة مقرون بها العطب
للحرب
قوم أضلّ الله سعيهم
إذا
دعتهم إلى مكروهها وثبوا
ولست
منهم ولا أهوى فعالهم
لا
الجدّ يعجبني منهم ولا اللعب
أو قول ذلك الذي
رؤي فارا من المعركة، فقرئ عليه قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ
إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا
قَلِيلًا} [الأحزاب: 16]؛ فراح يقول لهم: (ذلك القليل أطلب)
هل تريد أن تكون
كهؤلاء الجبناء.. وأين هم الآن.. وهل أغنى عنهم جبنهم شيئا.. وهل تظن أنك مختلف
عنهم.. وأن الخلود الذي لم يكتب لهم سيكتب لك؟
ثم بعد هذا ـ
أيها الرفيق العزيز ـ هل هناك محل لرأسي ورأسك أفضل من أن يحصل له ما حصل لتلك
الرؤوس الطاهرة التي قُدمت على مذبح الحقيقة والعدالة، وهي تبتسم؟