لا يكتب في قلبك الحكمة حتى تمتلئ محبة له، وتفنى به
عمن سواه.
والحكمة ثمرة
الاتباع الصادق للذين جعلهم الله وسائط الهدى لعباده.. فيستحيل على الحكمة أن
تتنزل على الذين أبوا السجود لآدم.. ذلك أن آدم لم يكن سوى رمز للهداية والكمال..
فمن سجد له تحقق بالكمال، ومن تكبر عليه حصل له ما حصل لإبليس.
والحكمة ثمرة
الصمت والسكون .. ذلك أن المضطربين الذين ملأوا الكون صراخا لن يصلوا لشيء..
فأصواتهم تحجب عنهم الحقائق، واضطرابهم يمنع عنهم استقرارها.
هذه ـ بني ـ
منابع الحكمة .. فإن شئت أن تكون حكيما، فاعمل بها، ولا تغرنك كثرة العلوم، فالعلم
الذي لا ينتج حكمة، ولا يفيد تربية، ولا يثمر ترفعا وسموا، لن يفيدك شيئا.. بل هو
الجهل عينه.
وقد روي في
الأخبار أن بعضهم صحب بعض المشايخ مدة طويلة، وبعد أن كتب الله لهما الفراق، سأل
الشيخ تلميذه: منذ متى صحبتني؟.. فقال التلميذ: منذ ثلاثة وثلاثين سنة.. فقال
الشيخ: فماذا تعلمت مني في هذه الفترة؟.. فقال التلميذ: ثماني مسائل.. فقال
الشيخ: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب عمري معك ولم تتعلم إلا ثماني مسائل؟ ! قال
التلميذ: يا أستاذ لم أتعلم غيرها ولا أحب أن أكذب.. فقال الأستاذ: هات ما عندك
لأسمع .
قال التلميذ:
أما الأولى، فإني نظرت إلى الخلق فرأيت كل واحد يحب محبوبا فإذا ذهب إلى القبر
فارقه محبوبه، فجعلت الحسنات محبوبي فإذا دخلت القبر دخلت معي.
أما الثانية،
فنظرت في قول الله عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى
النَّفْسَ