عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ
الْمَأْوَى (41)} (النازعات)، فعلمت أن قوله سبحانه وتعالى هو الحق، فأجهدت نفسي
في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله تعالى.
وأما الثالثة،
فنظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل من معه شيء له قيمة ومقدار رفعه وحفظه ثم نظرت إلى
قول الله عز وجل: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} (النحل:
96)، فكلما وقع معي شيء له قيمة ومقدار وجهته إلى الله ليبقى عنده محفوظاً.
وأما الرابعة،
فنظرت إلى هذا الخلق، فرأيت كل واحد منهم يرجع إلى المال وإلى الحسب والشرف
والنسب، فنظرت فيها فإذا هي لا شيء ثم نظرت إلى قول الله تعالى: {إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: 13)، فعملت في التقوى حتى
أكون عند الله كريماً.
وأما الخامسة،
فنظرت إلى هذا الخلق وهم يطعن بعضهم في بعض، ويلعن بعضهم بعضاً، وأصل هذا كله
الحسد، ثم نظرت إلى قول الله عز وجل: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} (الزخرف: 32)، فتركت الحسد، وعلمت أن القسمة من عند
الله سبحانه وتعالى فتركت عداوة الخلق عني.
وأما السادسة،
فنظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض، ويقاتل بعضهم بعضاً فرجعت إلى قول الله
عز وجل: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً} (فاطر: 6)،
فعاديته وحده واجتهدت في أخذ حذري منه لأن الله تعالى شهد عليه أنه عدو لي، فتركت
عداوة الخلق غيره.
وأما السابعة،
فنظرت إلى هذا الخلق، فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة، فيذل فيها نفسه، ويدخل
فيما لا يحل له، ثم نظرت إلى قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ
إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} (هود: 6)، فعلمت أني واحد من هذه الدواب