التي على الله رزقها، فاشتغلت بما لله تعالى علي
وتركت ما لي عنده.
وأما الثامنة،
فنظرت إلى هذا الخلق فرأيتهم كلهم متوكلين على مخلوق .. هذا على ضيعته .. وهذا على
صحة بدنه .. وكل مخلوق متوكل على مخلوق مثله، فرجعت إلى قوله تعالى: {وَمَنْ
يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (الطلاق: 3)، فتوكلت على الله عز وجل
فهو حسبي.
هذه ـ بني ـ بعض
ثمار الحكمة التي قطفها هذا التلميذ النجيب من خلال صحبته لشيخه، فاحرص على أن
يكون لك مثلها، أو احرص على أن تزيد عليها، فالعلم الذي لا يطهر نفسك، ولا يسمو
بروحك لن يزيدك من حقيقتك إلا بعدا.
وإياك ـ بني ـ أن
تتصور ني أحرضك على ترك العلم أو ترك الاستكثار منه.. معاذ الله أن أفعل ذلك..
فالحكمة ثمرة للعلم، وكلما استكثرت منه كثرت لديك ثمار الحكمة.. ولكني أحذرك من أن
يكون مرادك من العلم الاستكثار المجرد، فهو لن ينفعك.. بل لا ينفعك منه إلا ما
أردت به الحق والخير.. فبهما وحدهما تتحقق بحقيقتك، وبهما وحدهما ترقى إلى مراتب
الكمال التي هيئت لك.