التي وضعت فيها.. فهي كيد
الشيطان الأعظم، وأحبولته الكبرى، ومصيدته العظمى.
تذكر عند كل صورة جميلة تراها، وتخاف أن تسلب
عقلك منك أنها ليست سوى قناع، ستذهب به الأيام، وأن صورة الحقيقة هي التي تبقى،
وما عداها سيفنى.
وتذكر معها أن عالم الصور الحقيقي لن يبدأ في
هذا العالم، ولا في هذه النشأة.. فهي نشأة اختبار وبلاء.. ومن مقتضياتها عدم
انسجام الصور مع الحقائق، حتى يتحقق الامتحان.. أما في العالم الآخر.. والنشأة
الأخرى.. فالصور منسجمة مع حقائقها، والأشكال منسجمة مع الطبائع التي اكتسبها
أصحابها.
ولتعرف حقيقة ذلك يا بني اقرأ ما ورد في
كلمات الله المقدسة، لتعلم أن الانسجام بين الحقائق والأشكال قانون من قوانين
الآخرة..
وقد ورد في الحديث عن رسول الله a أنه وصف المستكبرين الظلمة، أولئك الذين قد تكون أقنعتهم الجميلة في
الدنيا هي سبب كبرهم وغرورهم وظلمهم، فقال: (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال
الذر[1] في
صور الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان)[2]،
وفي رواية: (يبعث الله يوم القيامة ناساً في صور الذر يطؤهم الناس بأقدامهم،
فيقال: ما هؤلاء في صور الذر؟ فيقال: هؤلاء المتكبرون في الدنيا) [3]
هل رأيت يا بني هذه الصورة البشعة التي هي
حقيقة كل مغتر ومتكبر بجماله أو صورته أو أي شيء منه.. إنه سيكون قصيرا حقيرا يشبه
ذلك النمل الذي كان
[1]
قدرٌ ضئيل جدًّا، بالغ الصِّغر، مُثِّل بالنملة الصغيرة أو برأس النملة أو
الهباءَة المنبثّة في الهواء ويمكن رؤيتها في شعاع الشّمس الداخل من النافذة.
[2] رواه الترمذي (2492)، وأحمد (2/ 179) (6677)،
والبخاري في (الأدب المفرد) (557). قال الترمذي: حسن صحيح