من الزجاج، فهل وجدت حداثيا استطاع أن يكتشف اكتشافا
علميا، أو يخترع ما يعاتب غيره على التفريط فيه.
هم يا بني لا
يتقنون سوى بضاعة النقد، ولا يحملون سوى سيوف الهدم.. مع أنه كان يمكنهم أن ينقدوا
ما يستحق النقد، ويكتفوا به.. ويهدموا ما يستحق الهدم، ويعوضوا بدله البنيان الصالح..
لكنهم بعد التفكير والتقدير.. وبعد أن منحت لهم كل فرص الهداية أبوا إلا ركوب
أمواج أهوائهم، والتلاعب بالحقائق والقيم، ثم إشاعة ذلك في المجتمعات، حتى يقال:
لفلان مشروع فكري حداثي.. ليكون ذلك فرصة له للظهور بعد الخمول، والغنى بعد
الفقر.. وهو نفس ما ذكره الله تعالى عن أولئك الذين حرفوا وبدلوا، وباعوا دينهم
بمتاع من الدنيا قليل، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ
بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ
ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ
مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]
وهؤلاء كذلك،
فهم يكتبون ما يفهمونه بأهوائهم من القرآن الكريم، ثم ينسبوه لله ورسوله، ليشتروا
بذلك ما شاءت لهم نفوسهم من المنزلة والجاه والسلطان، وما يتبعها من الثروات والأموال.