الشيطانية التي وسوس بها للبشر كما وسوس بها من قبل
لأبيهم.
لذلك كان الرجوع
لكلمات الله المقدسة، والبحث فيها، وفي القيم التي جاءت بها، هو الأساس الذي يفرق
بين الحق والباطل، والخير والشر، والأشجار المنهي عنها، والأشجار المباحة أو
المرغب فيها.
والوصول إلى
التحقيق في ذلك يستدعي تطهير أرض النفس، حتى لا تختلط عليها إلهامات الملائكة
بوساوس الشياطين.. فلا يمكن أن يهتدي للحق من عبد نفسه وعقله وهواه، ولم يسلم
لربه، ولم يكن خاضعا له وللحقائق، يستقبلها من غير جدال، ولا صراع.
والأمر في ذلك ـ
يا بني ـ يسير .. ولا يحتاج إلا إلى الصدق.. فالله تعالى نصب في كل عصر من يقوم له
بالحجة، ويدل على الحقيقة، ويمثلها.. فمن رغب عنهم ضل، ومن اتبع غيرهم شقي
باتباعه.
ويوم القيامة لا
ينفعه تبرؤه ممن دعاه للشقاوة، كما لا ينفع من وقع في الإدمان اتهامه لمن سقاه
الكأس الأولى.. لقد ذكر الله تعالى ذلك، فقال: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ
اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ
الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً
فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ
أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ }
[البقرة: 166، 167]
والوهم الذي
يستعمله الشيطان وأتباعه لصرف الناس عن الحق، إيهامهم لهم أن الشقاوة في الحق،
والسعادة في الباطل.. وهذا كله وهم.. فالله تعالى ما أنزل علينا شريعته لنشقى،
وإنما أنزلها لنسعد.. قال تعالى: {طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ
لِتَشْقَى} [طه: 1، 2]
بل أخبر القرآن
الكريم أن الله كتب السعادة في الدنيا والآخرة لمن اتبع الحق،