الكثيرة في التربية والترقية والتهذيب والتصفية..
فالذي يعتقد أن هذه الحياة مجرد حياة دنيا لن يتكالب عليها، ولن يصارع من أجلها،
ولن يضحي بأخلاقه وقيمه في سبيلها.. ولن يضحي بآخرته لأجل متاعها الزائل.
ولذلك قال تعالى
ـ بعد ذكره لمتاع الحياة الدنيا ـ : {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ
ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ
وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 14، 15]
وهذه المعرفة ـ
يا بني ـ هي التي تحمي المجتمعات من التفكك، وتحمي الدول من الصراع، لأن الصراع لا
يكون إلا بين من ضاقت عليهم الحياة، فاختصروها في الدنيا.. ومثلهم في ذلك مثل من
يتصارعون على قطع محدودة من الأرض، ولو أنه أتيح لهم منها ما لا حدود له، لما
تصارعوا.
وهذه المعرفة ـ
يا بني ـ هي التي تملأ الحياة بالسلام، وبسبب هذه المعرفة قال ابن آدم الصالح
لأخيه الذي استولى عليه حب الدنيا: { لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ
لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ
اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [المائدة: 28]
وهذه المعرفة ـ
يا بني ـ هي التي تحمي الفقير من أن يحسد الغني، وكيف يحسده، وهو يرى في أمواله
ومتاعه ما يراه الكبار في لعب الأطفال.. بل إنه قد يسأل الله أن يحميه من الثراء
الذي يصرفه عنه، أو الترف الذي يبعده عن حقيقته.
وهذه المعرفة ـ
يا بني ـ هي التي تملأ قلوب أصحابها سعادة.. فهم ينظرون إلى الحياة بنظرة تفاؤل
وأمل.. ويعتقدون أن المستقبل الذي ينتظرهم أجمل بكثير.. وأن ما فاتهم من متاع
الدنيا لا يستحق أن يحزنوا عليه، لأن ما ينتظرهم أفضل منه.
وهذه المعرفة ـ
يا بني ـ هي التي تملأ قلوب أصحابها بالهمة العالية، ليقتنصوا