الدرجات والحسنات التي لا يمكنه أن ينال سعادة الدنيا
والآخرة من دونها.
لذلك كانت
الشهوات عندهم أغلى من الحسنات.. مع أن جميع كنوز الدنيا ومتاعها ولهوها ولعبها لا
يعدل حسنة واحدة.
ولذلك لم
يختلفوا عن ذلك الطفل الصغير الذي يرفض أن يبيع لعبه بالأموال الكثيرة، لأنه لا
يعرف قيمة الأموال بقدر معرفته بقيمة لعبه.. بل إن عقول أولئك أدنى من عقل ذلك
الطفل الصغير؛ فالمسافة بين لعبه والأموال المعروضة عليه، وإن كانت كبيرة إلا أنه
يمكن تقديرها، وتحديدها، وضبطها.. أما المسافة بين الشهوات والحسنات، فلا يمكن
ضبطها ولا تحديدها بأي مقياس من المقاييس..
وهذه المعرفة ـ
يا بني ـ ليست معرفة علمية فقط.. بل إن لها آثارها الكثيرة في الحياة جميعا.. بل
لا يمكن أن يكون للحياة أي طعم دون معرفة كونها مجرد بداية، ومجرد حياة دنيا.
إن هذا يهون من
شأنها كثيرا، ويجعل التعامل معها سهلا يسيرا.. وذلك يشبه من جُند للخدمة العسكرية
الإلزامية؛ فهو قد يوضع في بعض المحال الصعبة، ويدرب بالتدريبات الشاقة، لكنه مع
ذلك لا يصيبه الألم الكبير، لأنه يعلم أنها مجرد مرحلة محدودة، وسيتجاوزها عن
قريب، لتعود له حريته، وحياته الطبيعية.. بخلاف من كان يرى أن بدايته فيها،
ونهايته عندها.
ولذلك كان
اعتقاد كون الدنيا مجرد حياة دنيا وحده كافيا للتهوين من شأنها، وتقبل الاختبارات
التي توضع للإنسان فيها.
وهي نعمة عظمى
لا يجدها أولئك الغافلون الذين ينهارون لأدنى شيء يقعون فيه، لأنهم يتوهمون أن في
ذلك حتفهم، ونهايتهم المحتومة.
لا تتوقف آثار
هذه المعرفة على هذا الجزاء العظيم فقط.. بل إن لها آثارها