ولذلك كان الحرص
وسيلة من وسائل الصلاح وأداء التكاليف، فلا يمكن أن يجاهد نفسه من لم يكن حريصا
عليها وعلى مصالحها..
ولكن الحرص نفسه
قد يتحول إلى غل يقتل روح الإنسان، مثلما يتحول الطعام إلى سم يقضي عليه.. وذلك
إذا خرج عن غايته، وتحول من حرص إلى شره وبخل وأنانية .. حينها لا يكتفي الحريص
بتحقيق مصالحه، وإنما يذهب إلى مصالح غيره، ليضمها إلى مصالحه.
ولذلك فإن
المشكلة ليست فيما وهبنا الله من طاقات، وإنما في ذلك الاستخدام السيء لها، وقد
أشار رسول الله a إلى ذلك في بعض مواعظه، فقال: (إنما أخشى
عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من بركات الأرض)، فقام رجل فقال: يا رسول الله،
أويأتي الخير بالشر؟ فقال له رسول الله a: (إن الخير لا يأتي
إلا بالخير، وإنه كلما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر، كلما أكلت
حتى إذا امتلأت خاصرتاها، استقبلت الشمس، فثلطت، ثم رتعت، وإن هذا المال خضرة
حلوة، ونعم صاحب المسلم لمن أخذه بحقه، فجعله في سبيل الله، واليتامى والمساكين
وابن السبيل، ومن لم يأخذه بحقه، فهو كالآكل الذي لا يشبع، ويكون عليه شهيدا يوم
القيامة)[1]
وهكذا ـ يا بني ـ
كل الشهوات، فمن عرف كيف يتعامل معها ارتقى بها إلى المراتب العليا في الكمال، ومن
قصر في ذلك نزلت به إلى الدركات.
ألا ترى أن الحب
شيء واحد، ولذته واحدة.. لكن من الناس من يوجهه إلى