صور المخلوقين يفنى فيها، ويستغرق في عبوديته لها..
ويتعذب بذلك كل أصناف العذاب، كما قال بعضهم يصف ذلك:
ألا
ما الهوى والحب بالشيء هكذا
يذل
به طوع اللسان فيوصف
ولكنه
شيء قضى الله أنه
هو
الموت أو شيء من الموت أعنف
فأوله
سقم وآخره ضنى
وأوسطه
شوق يشف ويتلف
وروع
وتسهيد وهم وحسرة
ووجد
على وجد يزيد ويضعف
لكن من الناس من
يترفع عن أن يصير مغلولا في سجون الصور، بل يرتقي ببصيرته إلى المصور، ليرى من عوالم
الكمال والجمال ما لا يخطر على بال المسجونين في سجون الشهوات الدنية.
وحين يرتقي إلى
ذلك يكتشف لذة الحب الحقيقي، ويشرب من كأسه، فتجتمع لديه اللذة من أصفى منابعها،
ويتجنب كل ذلك الهم والحسرة التي يعاني منها المستغرقون في الشهوات التي تفرضها
عليهم أبصارهم، وتحجبهم بها عن بصائرهم.
والغافلون عندما
يرون أولئك المترفعين بشهواتهم، يحزنون عليهم، ويتصورون أنهم يتألمون لذلك، وهم لا
يعلمون أنه لا يمكن مقارنة ما هم فيه من لذة وسعادة، بأي لذة أخرى.
وقد قال شاعرهم
مقارنا بين تلك اللذات المحدودة القصيرة التي كان يجدها في سجن الأنا، وتلك اللذات
الجديدة التي صار يعيشها عندما رحل إلى عالم الحقائق: