عهودنا معه، وتوعدنا بالعذاب إن فعلنا ذلك، وما كان
لنا أن نتعدى ما ذكره ربنا، أو نتجاوزه، أو نهون منه.. لقد قال تعالى: { إِنَّ
الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا
أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا
يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]
وأخبر أن
الدجالين من هذه الأمة الذين يملأونك بالغرور الكاذب، لا يختلفون عن أولئك
الدجالين من أهل الأديان الأخرى، والذين كذبوا على أقوامهم، {وَقَالُوا لَنْ
تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً } [البقرة: 80]، فرد الله تعالى
عليهم بقوله: {أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ
عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ } [البقرة: 80]، ثم
أخبر عن قانون الجزاء والعقوبة الذي شرعه الله لخلقه جميعا، فقال: { بَلَى مَنْ
كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (81) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81، 82]
ولذلك إذا صحبت
شخصا، فحولك من الطاعة إلى المعصية، أو من الذكر إلى الغفلة، أو من العمل إلى
الكسل، فاعلم أنه دجال.. فالعارف بربه من أكثر الناس خشية لله، وعبودية له، وقد
قال تعالى في وصفهم: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا
مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ
يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }
[الزمر: 23]
فهؤلاء الذين
ترتعش قلوبهم، وهم يقرؤون كتاب الله، هم الذين يفهمون مقاصد كلام ربهم، لأنه لا
يفهمها ذلك الدجال المتاجر بها، وإنما يفهمها من امتلأ بالإيمان بالله وتعظيمه
ومحبته وخشيته، فلذلك لا يتحرك أي حركة إلا وكان الله