واحذر ـ بني ـ بعد
هذا من أولئك الذين يتبعون ما تشابه من الكتاب، ويتركون محكمه.. أولئك الذين تركوا
الحقائق الجلية، وراحوا يجادلون في الألفاظ والمعاني، وملأوا دينهم بالفتنة
والزيغ، أولئك الذين حجبوا عن كلام ربهم، لأنهم ملأوه بالجدل والخصومة، لقد قال
تعالى في وصفهم: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ
مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ
فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ
الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ
رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7]
وهكذا يا بني
احذر من أولئك الدجالين الذين يملأون قلبك أحقادا على المسلمين أو غيرهم، فمعاذ الله
أن يجتمع الحقد مع الإيمان في محل واحد.. فالإيمان طمأنينة وسلام ومحبة.. ومن دعاك
إلى الحقد دعاك إلى الكفر والضلالة.
واحذر ـ بني ـ من
أولئك {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا
لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [الروم: 32].. أولئك الطائفيين الذين تركوا الدعوة إلى
الله ورسوله والقيم النبيلة، وراحوا يدعونك إلى أنفسهم، وشيوخهم..
وأول علاماتهم
دعوتك للصراع مع المسلمين، وتكفيرهم، وقتلهم، وملأ القلوب حقدا عليهم.. فكل من
دعاك إلى ذلك شيطان.
ولذلك كان من
أول علامات الصديقين دعوتك إلى الوحدة بين المسلمين، والسلام بين العالمين.. فالله
تعالى لم يخلقنا مختلفين ليصارع بعضنا بعضا، وإنما خلقنا كذلك ليعرف بعضنا بعضا،
ويستفيد بعضنا من بعض.
وهكذا، احذر ـ
بني ـ من أولئك الدجالين الذين يملأونك بالخرافة والدجل والشعوذة.. فدين الله دين
علم، ومن اعتقد بأن العلم يخالف الدين فإنه جاهل