وهكذا أعلمتنا بأن رضاك ليس في تنزل النعم،
وسخطك ليس في تنزل البلاء، وإنما علامة رضاك هي ذلك الرضا الذي نبديه لك، سواء
أنعمت علينا، أو ابتليتنا.. لأنك لم تفعل ذلك بنا إلا لتربينا، وتعلمنا، فالدنيا
دار تربية واختبار، وليست دار جزاء واستقرار.
وذكرت أن غايتك من كل ما يوجد في الدنيا من
أنواع البلاء هو تمييز الصالحين الصادقين من المنافقين الكاذبين.. لقد قلت تذكر
ذلك: { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ
حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ
عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ
عَظِيمٌ} (آل عمران:179)
لقد جربت ذلك يا رب مع من يحيط بي من الناس..
ذلك أني بعد أن أظهرت لهم بعض إحساني تقربوا مني، وأظهروا مودتي، لكني بمجرد أن
أصابني من بلائك ما منعني من الإحسان إليهم، نفروا مني.. ولم يبق إلا الصادقون
المخلصون، الذين لم يكتفوا بالزهد فيما عندي، وإنما راحوا يطلبون مني أن أتقبل
إحسانهم وفضلهم.
لقد عرفت من ذلك سر البلاء.. وأنه لولاه لعشت
حياتي كلها مخدوعا بأولئك المنافقين المحيطين بي.. والذين لم تكن مودتهم لشخصي،
وإنما لذلك الكرم الذي كنت