وقال آخر يصفك بالملل:
(جاء في الحديث عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قولـه: (فإنَّ الله لا يَمَلُّ
حتى تملوا)[2]، فمن العلماء من قال: إنَّ هذا دليل على إثبات الملل لله، لكن ؛ ملل الله
ليس كملل المخلوق ؛ إذ إنَّ ملل المخلوق نقص ؛ لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا
الشيء، أما ملل الله ؛ فهو كمال وليس فيه نقص، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها
لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالاً)[3]
وراح يصفك بالهرولة، فقال: (صفة الهرولة ثابتة لله تعالى كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري
ومسلم، فذكر الحديث وفيه: (وإن أتاني يمشي أتيته هرولة)، وهذه الهرولة صفة
من صفات أفعاله التي يجب علينا الإيمان بها من غير تكييف ولا تمثيل، لأنه أخبر بها
عن نفسه وهو أعلم بنفسه فوجب علينا قبولها بدون تكييف)[4]
يا رب.. فأسألك أن تعيذني من الجهل الذي
يبعدني عنك، وأن تطهر عقلي من كثافة التشبيه والتجسيم، وأن تجعلني ألجأ إليك كل
حين، فأنت العاصم الذي يعصم العقول من أن تقع في هذه الانتكسات.
وأعوذ بك يا رب أن أترك المحكم الواضح الظاهر
الذي اتفقت فيه العقول مع كلماتك المقدسة، وأتشبث بالمتشابه الذي صار فتنة
للمحجوبين بالرموز عن الحقائق.
لقد ذكرت ذلك يا رب، ونبهتنا إليه، وحذرتنا
منه، فقلت: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ