وهل يستقيم مع عظمتك المطلقة، ورحمتك
الواسعة، أن تكون مخادعا.. فالخداع لا يكون إلا للضعفاء الذين تعوزهم القدرة، فيلجؤون
إلى الحيلة.
وهكذا ذكر نبيك a رحمتك بعبادك، وعنايتك بهم،
وشبه ذلك باعتناء الوالد بعياله، فقال: (الخلق كلهم عيال الله، فأحب الخلق إلى
الله أنفعهم لعياله)[1]، فهل يمكن لأحد من الناس أن يفهم من هذا الحديث ظاهره، فينسب لك الولد
والعيال؟
فكل هذه الألفاظ لم تُرد منها يا رب ظواهرها،
وإنما أردت منها المعاني التي تقف خلفها، وهي معان متناسبة مع جلالك وجمالك
وكمالك.. ومتناسبة مع اللغة التي خاطبت بها خلقك، والتي يستعملون فيها نفس تلك
التعابير.
وليتهم اكتفوا بذلك يا رب.. بل راحت شياطين
الإنس والجن تزودهم بالكثير من الروايات التي لم تزد عقولهم إلا ارتكاسا وتشبيها
وتجسيما ووهما.
لقد قال أحدهم يصف عظمتك: (يطوي الله عز وجل
السموات السبع بما فيهن من الخلائق والأرضين بما فيهن من الخلائق يطوي كل ذلك
بيمينه فلا ُيرى من عند الإبهام شيء ولا يرى من عند الخنصر شيء فيكون ذلك كله في
كفه بمنزلة خردلة)[2]
وقال آخر متهكما من الذين ينزهونك، ويقدسونك:
(إذا كانت السموات السبع في يده كالخردلة في يد أحدنا، والأرضون السبع في يده
الأخرى كذلك فكيف يقدره حق قدره من أنكر أن يكون له يدان فضلاً عن أن يقبض بهما
شيئاً، فلا يد عند المعطلة ولا قبض في الحقيقة وإنما ذلك مجاز لا حقيقة له،
وللجهمية والمعطلة من هذا الذم أوفر