نام کتاب : رسائل إلى رسول الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 250
المتبتل العابد
سيدي
يا رسول الله.. يا من تحققت فيك العبودية بأجمل صورها، وأكمل معانيها، فصرت
نموذجها الأمثل، وفهرس مفرداتها الأعظم.. فمن أراد أن يكون عابدا لله، فأنت أسوته
وقدوته وأنموذجه.. وليس عليه سوى أن يتبع هديك، ويسير على سنتك، لتكتمل له كل
حقائقها وقيمها ومقاماتها ومنازلها.
لقد
رحت سيدي أبحث عن سر ذلك الثناء العظيم الذي أثنى الله به عليك، وسر ذلك الكمال
الذي حظيت به، فوجدت أنه محصور في عبوديتك.. فقد كنت عبدا حقيقيا لله.. ولم تكن
فيك شائبة من عبودية لغيره.. ولذلك صرت مجلى للحقائق القدسية تتنزل عليك، ليراها
غيرك من خلالك.. وصرت دليلا صافيا على الحق.. فمن أراد أن يعرفه، فليس عليه سوى أن
يعرفك، ومن أراد أن يعبده، فليس عليه سوى أن يتبعك.
لقد
عبر الله تعالى عن تلك العبودية التي امتلأت بها كل لطائفك المقدسة، فقال: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ
أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾
[الأنعام: 162، 163]
فهاتان
الآيتان الكريمتان تشيران إلى تلك العبودية التي امتلأت بها جوانحك، فصارت صلاتك
ونسكك وحياتك ومماتك وكل تصرفاتك نابعة منها خاضعة لها.. لم تشرك في ذلك أحدا..
ولم ترتض بغير ربك بدلا.
ولذلك
أطلق عليك ربك أشرف الألقاب.. لقب العبودية.. وفي أشرف المقامات والمحال، فقال ـ
عند ذكرك في مقام تنزل القرآن الكريم ـ:﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ
مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا
شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾
نام کتاب : رسائل إلى رسول الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 250