responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : رسائل إلى رسول الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 259

الحياة إلا ذلك الشظف والمعاناة التي وصفها بعض أصحابك عندما دخل عليك، فرآك متكئا على رمال حصير قد أثر في جنبك؛ فرفع رأسه في البيت، فما رأى فيه شيئا يرد البصر، إلا ثلاثة بسط معلقة، وصبرة من شعير، فهملت عيناه، فقلت: ما لك؟ فقال: يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه، وكسرى وقيصر فيما هما فيه؟.. فقلت له بكل هدوء: (أفي شك أنت.. أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟)، فقال: (بلى، يا رسول الله، فأحمد الله عز وجل)، فقلت له: (لو شئت أن يسير الجبال الراسيات معي ذهبا لسارت)[1]

وحدث آخر، قال: اضطجع رسول الله a على حصير فأثر في جنبه، فلما استيقظ جعلت أمسح عنه، فقلت: يا رسول الله ألا آذنتنا فبسطت شيئا يقيك منه، تنام عليه، فقال: (ما لي وللدنيا، ما أنا والدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف، فقال تحت شجرة ثم راح وتركها)[2]

لم يكن أولئك ـ سيدي ـ فقط من أخطأ في حقك.. بل هناك غيرهم كثير.. حتى أن هناك من راح يدعي أنك إذا عدت إلى الدنيا للبست بذلة عصرية، وامتلكت أغلى السيارات، وسكنت أرفه القصور.. ولم يلتفت هؤلاء المحجوبون بزخارف الدنيا أن كل ذلك، وفوقه أضعافا مضاعفة أتيح لك.. لكنك كنت ترفض ذلك..

ولولاه ـ سيدي ـ لما كنت سيد الزهاد وأسوتهم، فالذي به فاقة ضرورية قد لا يفطن لكونه زاهدا، بل قد يكون راغبا، والفاقة هي التي جعلته يبدو من الزهاد.. ولكنك سيدي لم تكن كذلك.. فقد أتيحت لك كل الخيارات.. لقد كان الغنى أمامك، وبين يديك.. بل كان


[1] رواه أحمد وأبو يعلى، وتمام الرازي، وابن عساكر وأبو داود الطيالسي، والترمذي، وصححه.. والجملة الأخير زادها أبو الحسن بن الضحاك.

[2] رواه أحمد وأبو يعلى، وتمام الرازي، وابن عساكر وأبو داود الطيالسي، والترمذي.

نام کتاب : رسائل إلى رسول الله نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 259
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست