نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 114
عاملك على البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري، بعد أن بلغك أنه دعي إلى
وليمة قوم من أهلها فمضى إليها..
فقد كتبت له رسالة تبين فيها غرضا كريما من أغراض الزهد.. وهو
العدالة.. فلا يمكن للحريص أن يعيش العدالة، ولا أن يفهمها، ولا أن يطبقها..
لقد كتبت تقول
له: (أمّا بعد يا ابن حنيف، فقد بلغني أنّ رجلا من فتية أهل البصرة، دعاك إلى
مأدبة فأسرعت إليها، تستطاب لك الألوان، وتنقل إليك الجفان، وما ظننت أنّك تجيب
إلى طعام قوم عائلهم مجفوّ، وغنيّهم مدعوّ، فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما
اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه) [1]
ثم رحت تصف له حالك، ليأتم بك، ولتأتم بك الأجيال من بعده، فقلت: (ألا
وإنّ لكلّ مأموم إماما يقتدي به، ويستضيء بنور علمه، ألا وإنّ إمامكم قد اكتفى من
دنياه بطمريه، ومن طعمه بقرصيه، ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع
واجتهاد، وعفّة وسداد.. فو اللّه ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادّخرت من غنائمها
وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا، ولا أخذت منه إلّا كقوت
أتان دبرة، ولهي في عيني أوهى وأوهن من عفصة مقرة)
ثم ذكرت له
أن زهدك في الدنيا ليس ناشئا من جهلك بها، وإنما ناشئ من زهدك فيها، ورغبتك فيما
عند الله.. ولتستوي أنت وأبسط مستضعف من رعيتك.. فلا يمكن أن يدرك عوز المعوزين،
ولا فقر الفقراء من أتخم نفسه، وأعطاها كل ما تشتهي.
لقد كتبت له
تقول: (و لو شئت لاهتديت الطّريق إلى مصفّى هذا العسل، ولباب هذا القمح، ونسائج
هذا القزّ، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخيّر