نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 115
الأطعمة، ولعلّ
بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص، ولا عهد له بالشّبع!! أو أبيت مبطانا
وحولي بطون غرثى، وأكباد حرّى!! أو أكون كما قال القائل:
وحسبك داء أن تبيت ببطنة
وحولك أكباد تحنّ إلى القدّ!
وكتبت له تقول: (أأقنع من نفسي بأن يقال: هذا أمير المؤمنين، ولا
أشاركهم في مكاره الدّهر؟ أو أكون أسوة لهم في جشوبة العيش، فما خلقت ليشغلني أكل
الطّيّبات، كالبهيمة المربوطة همّها علفها، أو المرسلة شغلها تقمّمها، تكترش من
أعلافها وتلهو عمّا يراد بها، أو أترك سدى أو أهمل عابثا، أو أجرّ حبل الضّلالة،
أو أعتسف طريق المتاهة)
ثم بينت له ـ سيدي ـ أن الزهد لا يعني العجز، ولا الضعف، فقلت: (و
كأنّي بقائلكم يقول: إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب، فقد قعد به الضّعف عن قتال
الأقران، ومنازلة الشّجعان؟! ألا وإنّ الشّجرة البرّيّة أصلب عودا، والرّواتع
الخضرة أرقّ جلودا، والنّابتات العذية أقوى وقودا، وأبطأ خمودا!)
ثم ختمت رسالتك له بهذا الشعار الذي لا نزال نردده: (فاتّق اللّه يا
ابن حنيف، ولتكفف أقراصك، ليكون من النّار خلاصك)
ومن خطبك في
هذا، والتي تأسر القلوب ببلاغتها وبيانها وحقائقها قولك ـ وأنت تستعرض الأنبياء
وزهدهم في الدنيا ـ: (و لقد كان في رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
كاف لك في الأسوة، ودليل لك على ذمّ الدّنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ
قبضت عنه أطرافها، ووطّئت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها، وزوي عن زخارفها.. وإن شئت ثنّيت بموسى كليم اللّه عليه السّلام
حيث يقول: {رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ
خَيْرٍ فَقِيرٌ} [القصص: 24]، واللّه ما سأله إلّا خبزا يأكله، لأنّه كان يأكل
بقلة الأرض، ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذّب لحمه.. وإن
شئت ثلّثت بداود
نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 115