نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 163
للموت فقد
أظلّكم، وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا، وعلموا أنّ الدّنيا ليست لهم بدار فاستبدلوا..
فإنّ الله سبحانه لم يخلقكم عبثا، ولم يترككم سدى، وما بين أحدكم وبين الجنّة أو
النّار إلّا الموت أن ينزل به.. وإنّ غاية تنقصها اللّحظة، وتهدمها السّاعة،
لجديرة بقصر المدّة، وإنّ غائبا يحدوه الجديدان اللّيل والنّهار، لحريّ بسرعة
الأوبة، وإنّ قادما يقدم بالفوز أو الشّقوة، لمستحقّ لأفضل العدّة، فتزوّدوا في
الدّنيا من الدّنيا، ما تحرزون به أنفسكم غدا)
وقلت في خطبة
أخرى: (بادروا الموت وغمراته، وامهدوا له قبل حلوله، وأعدّوا له قبل نزوله، فإنّ
الغاية القيامة، وكفى بذلك واعظا لمن عقل، ومعتبرا لمن جهل. وقبل بلوغ الغاية ما
تعلمون من ضيق الأرماس، وشدّة الإبلاس، وهول المطّلع، وروعات الفزع، واختلاف
الأضلاع، واستكاك الأسماع، وظلمة اللّحد، وخيفة الوعد، وغمّ الضّريح، وردم
الصّفيح.. فاللّه اللّه، عباد اللّه! فإنّ الدّنيا ماضية بكم على سنن، وأنتم
والسّاعة في قرن، وكأنّها قد جاءت بأشراطها، وأزفت بأفراطها، ووقفت بكم على
صراطها.. وكأنّها قد أشرفت بزلازلها، وأناخت بكلاكلها، وانصرمت الدّنيا بأهلها،
وأخرجتهم من حضنها، فكانت كيوم مضى، أو شهر انقضى، وصار جديدها رثّا، وسمينها
غثّا، في موقف ضنك المقام، وأمور مشتبهة عظام، ونار شديد كلبها، عال لجبها، ساطع
لهبها، متغيّظ زفيرها، متأجّج سعيرها، بعيد خمودها، ذاك وقودها، مخوف وعيدها، عم
قرارها، مظلمة أقطارها، حامية قدورها، فظيعة أمورها) [1]
ثم رحت ترغبهم
في الجنة ونعيمها، وتقول: ﴿وسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى
الْجَنَّةِ زُمَراً﴾[ الزمر: 73]، قد أمن
العذاب، وانقطع العتاب، وزحزحوا عن النّار، واطمأنّت