نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 164
بهم الدّار،
ورضوا المثوى والقرار، الّذين كانت أعمالهم في الدّنيا زاكية، وأعينهم باكية، وكان
ليلهم في دنياهم نهارا، تخشّعا واستغفارا، وكان نهارهم ليلا، توحّشا وانقطاعا،
فجعل الله لهم الجنّة مآبا، والجزاء ثوابا، ﴿وكانُوا أَحَقَّ بِها وأَهْلَها﴾، في ملك دائم، ونعيم قائم.. فارعوا عباد اللّه، ما برعايته يفوز فائزكم،
وبإضاعته يخسر مبطلكم، وبادروا آجالكم بأعمالكم، فإنّكم مرتهنون بما أسلفتم،
ومدينون بما قدّمتم، وكأن قد نزل بكم المخوف، فلا رجعة تنالون، ولا عثرة تقالون،
استعملنا الله وإيّاكم بطاعته، وطاعة رسوله، وعفا عنّا وعنكم بفضل رحمته)
ومن ذلك قولك
في خطبة من خطبك في تزهيد الناس عن الدنيا: (للموت تولدون، وإلى القبور تنقلون،
وعلى التراب تتوسّدون، وإلى الدود تسلّمون، وإلى الحساب تبعثون.. يا ذوي الحيل
والآراء، والفقه والأنباء، اذكروا مصارع الآباء، فكأنكم بالنفوس قد سلبت،
وبالأبدان قد عريت، وبالمواريث قد قسمت، فتصير يا ذا الدلال، والهيئة والجمال، إلى
منزلة شعثاء، ومحلّة غبراء، فتنوّم على خدّك في لحدك، في منزل قلّ زوّاره، وملّ
عمّاله، حتّى يشقّ عن القبور، وتبعث إلى النشور. فإن ختم لك بالسعادة، صرت إلى
الحبور، وأنت ملك مطاع، وآمن لا تراع، يطوف عليكم ولدان، كأنهم الجمان، بكأس من
معين، بيضاء لذّة للشاربين. أهل الجنّة فيها يتنعّمون، وأهل النار فيها يعذّبون،
هؤلاء في السندس والحرير يتبخترون، وهؤلاء في الجحيم والسعير يتقلّبون، هؤلاء تحشى
جماجمهم بمسك الجنان، وهؤلاء يضربون بمقامع النيران، هؤلاء يعانقون الحور في
الحجال، وهؤلاء يطوّقون أطواقا في النار بالأغلال، فله فزع قد أعيا الأطباء، وبه
داء لا يقبل الدواء) [1]