نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 165
ومما جاء
فيها قولك: (اسمع يا ذا الغفلة
والتصريف، من ذوي الوعظ والتعريف، جعل يوم الحشر يوم العرض والسؤال، والحباء
والنكال، ويوم تقلب فيه أعمال الأنام، وتحصى فيه جميع الآثام، يوم تذوب من النفوس
أحداق عيونها، وتضع الحوامل ما في بطونها، ويفرّق بين كل نفس وحبيبها، ويحار في
تلك الأهوال عقل لبيبها. إذ تنكّرت الأرض بعد حسن عمارتها، وتبدلت بالخلق بعد
أنيق زهرتها، وأخرجت من معادن الغيب أثقالها، ونفضت إلى الله أحمالها، يوم لا
ينفع الجدّ، إذا عاينوا الهول الشديد فاستكانوا، وعرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا.
فانشقّت القبور بعد طول انطباقها، واستسلمت النفوس إلى الله بأسبابها، وكشف عن
الآخرة غطاؤها، وظهر للخلق أنباؤها. فدكّت الأرض دكّا دكّا، ومدّت لأمر يراد بها
مدّا مدّا، واشتد المثارون إلى الله شدّا شدّا، وتزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا
زحفا، وردّ المجرمون على الأعقاب ردّا ردّا، وجدّ الأمر- ويحك يا إنسان- جدّا
جدّا، وقرّبوا للحساب فردا فردا، وجاء ربك والملك صفا صفا، ويسألهم عما عملوا حرفا
حرفا. وجيء بهم عراة الأبدان، خشعا أبصارهم، أمامهم الحساب، ومن ورائهم جهنم،
يسمعون زفيرها، ويرون سعيرها، فلم يجدوا ناصرا ولا وليا يجيرهم من الذل، فهم يغدون
سراعا إلى مواقف الحشر، يساقون سوقا. فالسماوات مطويّات بيمينه كطيّ السجلّ للكتب،
والعباد على الصراط وجلت قلوبهم، يظنون أنهم لا يسلمون، ولا يؤذن لهم فيتكلّمون،
ولا يقبل منهم فيعتذرون، قد ختم على أفواههم، واستنطقت أيديهم وأرجلهم بما كانوا
يعملون، يا لها من ساعة! ما أشجا مواقعها من القلوب حين ميّز بين الفريقين: فريق
في الجنة، وفريق في السعير، من مثل هذا فليهرب الهاربون، وإذا كانت الدار مثل
الآخرة، فلها يعمل العاملون)
وهكذا في كل
خطبك تنقل لهم معاني القرآن المرتبطة بالمعاد، وتصورهم لها تصويرا، وتنفذ من
خلالها إلى قلوبهم وأرواحهم..
نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 165