نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 175
البلاء
والفتن.. وحينها سألك بعض
أصحابك، فقال: لقد أعطيت يا أمير المؤمنين علم الغيب؟!
فضحكت من
قوله، وقلت له ـ وكان كلبيّا ـ: (يا أخا كلب، ليس هو بعلم غيب، وإنّما هو تعلّم من
ذي علم، وإنّما علم الغيب: علم السّاعة، وما عدّده اللّه سبحانه بقوله: ﴿إِنَّ
اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي
الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ
بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾
[لقمان:34]، فيعلم اللّه سبحانه
ما في الأرحام: من ذكر أو أنثى، وقبيح أو جميل، وسخيّ أو بخيل، وشقيّ أو سعيد، ومن
يكون في النّار حطبا أو في الجنان للنّبيّين مرافقا، فهذا علم الغيب الّذي لا
يعلمه أحد إلّا اللّه، وما سوى ذلك فعلم علّمه اللّه نبيّه a
فعلّمنيه، ودعا لي بأن يعيه صدري، وتضطمّ عليه جوانحي) [1]
وبما أن
المهمة التي كلفت بها في هذه الأمة كما أخبر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
هي مواجهة التحريف والتبديل والتأويل لحقيقة الدين، فلذلك كثرت وصاياك في هذا،
والتي حددت فيها أنواع الفتن، وأسبابها، ومواطنها، وبالغت في النصيحة في ذلك..
ومن ذلك قولك
ـ سيدي ـ في تحذير العرب خصوصا من التبديل والتغيير، حتى لا يستبدل بهم غيرهم، فقد
قلت في ذلك: (ثمّ إنّكم معشر
العرب أغراض بلايا قد اقتربت، فاتّقوا سكرات النّعمة، واحذروا بوائق النّقمة،
وتثبّتوا في قتام العشوة، واعوجاج الفتنة، عند طلوع جنينها، وظهور كمينها، وانتصاب
قطبها، ومدار رحاها، تبدأ في مدارج خفيّة، وتؤول إلى فظاعة جليّة، شبابها كشباب
الغلام، وآثارها كآثار السّلام، يتوارثها الظّلمة بالعهود، أوّلهم قائد لآخرهم،
وآخرهم مقتد بأوّلهم، يتنافسون في دنيا دنيّة،