نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 176
ويتكالبون على
جيفة مريحة، وعن قليل يتبرّأ التّابع من المتبوع، والقائد من المقود، فيتزايلون
بالبغضاء، ويتلاعنون عند اللّقاء) [1]
وقد صدقتك
الأيام في هذا، فالعرب اليوم.. وقبل فترة طويلة ركنوا إلى الدنيا وشهواتها،
وتصارعوا على حطامها، وغيروا وبدلوا ونسوا كثيرا.
ثم رحت تصف الفتن وصفا دقيقا، وكأنك تشاهدها بعينك، فقلت: (ثمّ يأتي
بعد ذلك طالع الفتنة الرّجوف، والقاصمة الزّحوف، فتزيغ قلوب بعد استقامة، وتضلّ
رجال بعد سلامة، وتختلف الأهواء عند هجومها، وتلتبس الآراء عند نجومها، من أشرف
لها قصمته، ومن سعى فيها حطمته، يتكادمون فيها تكادم الحمر في العانة، قد اضطرب
معقود الحبل، وعمي وجه الأمر، تغيض فيها الحكمة، وتنطق فيها الظّلمة، وتدقّ أهل
البدو بمسحلها، وترضّهم بكلكلها، يضيع في غبارها الوحدان، ويهلك في طريقها
الرّكبان، ترد بمرّ القضاء، وتحلب عبيط الدّماء، وتثلم منار الدّين، وتنقض عقد
اليقين، يهرب منها الأكياس، ويدبّرها الأرجاس، مرعاد مبراق، كاشفة عن ساق، تقطع
فيها الأرحام، ويفارق عليها الإسلام، بريئها سقيم، وظاعنها مقيم)
ثم رحت تنصحهم بما ينبغي عليهم عند انتشار نيران الفتن، فقلت: (فلا
تكونوا أنصاب الفتن، وأعلام البدع، والزموا ما عقد عليه حبل الجماعة، وبنيت عليه
أركان الطّاعة، واقدموا على اللّه مظلومين، ولا تقدموا عليه ظالمين، واتّقوا مدارج
الشّيطان، ومهابط العدوان، ولا تدخلوا بطونكم لعق الحرام؛ فإنّكم بعين من حرّم
عليكم المعصية، وسهّل لكم سبل الطّاعة)
وقد كنت
داعية إلى مواجهة الفتن، وعدم السكون لها، أو السكوت عنها، وقد