نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 177
حدث أبو عطاء
عن وصيتك في ذلك، فقال: خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب محزونا يتنفّس، فقال:
كيف أنتم وزمان قد أظلّكم؟ تعطّل فيه الحدود، ويتّخذ المال فيه دولا، ويعادى
أولياء اللّه، ويوالى فيه أعداء اللّه؟ قلنا: فإن أدركنا الزمان فكيف نصنع؟ قال: (كونوا
كأصحاب عيسى عليه السّلام نشروا بالمناشير، وصلبوا على الخشب، موت في طاعة اللّه
عزّ وجلّ خير من حياة في معصية اللّه) [1]
ومن خطبك
التي دللت فيها على المخرج من الفتنة، قولك ـ وأنت تخاطب أهل البصرة ـ: (من
استطاع عند ذلك أن يعتقل نفسه على اللّه عزّ وجل فليفعل، فإن أطعتموني فإنّي
حاملكم- إن شاء اللّه- على سبيل الجنّة، وإن كان ذا مشقّة شديدة، ومذاقة مريرة.. فبالإيمان يستدلّ على الصّالحات،
وبالصّالحات يستدلّ على الإيمان، وبالإيمان يعمر العلم، وبالعلم يرهب الموت،
وبالموت تختم الدّنيا، وبالدّنيا تحرز الآخرة، وبالقيامة تزلف الجنّة، وتبرّز
الجحيم للغاوين، وإنّ الخلق لا مقصر لهم عن القيامة، مرقلين في مضمارها إلى الغاية
القصوى قد شخصوا من مستقرّ الأجداث، وصاروا إلى مصاير الغايات، لكلّ دار أهلها، لا
يستبدلون بها، ولا ينقلون عنها. وإنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر لخلقان من
خلق اللّه سبحانه، وإنّهما لا يقرّبان من أجل، ولا ينقصان من رزق) [2]
ثم رحت
تنصحهم بكتاب الله.. والذي لم تخلو خطبة من خطبك ولا موعظة من مواعظك من الدعوة
إليه، لأنك تعلم كيف ستئول علاقة المسلمين به، وكيف تغير معانيه، فقلت: (و عليكم
بكتاب اللّه؛ فإنّه الحبل المتين، والنّور المبين، والشّفاء النّافع، والرّيّ
النّاقع، والعصمة للمتمسّك، والنّجاة للمتعلّق، لا يعوجّ فيقام، ولا يزيغ فيستعتب،
[1] دستور معالم
الحكم ومأثور مكارم الشيم: ص 113- 114.