في ذلك اليوم الذي ارتعدت فيه القلوب، وبلغت الحناجر، وقال ﴿
الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا﴾ [الأحزاب:12] كان قلبك ثابتا ممتلئا
قوة وإيمانا.
في ذلك اليوم خرج عمرو بن عبد ود، ونادى بكل كبرياء: هل من مبارز؟ فلم يجبه
أحد من المسلمين، فاستأذنت حينها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فقال لك: (إنّه عمرو).. ثم
كرّر النداء ثانية وثالثة، وأنت في كل حين تستأذن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم، فيجيبك بمثل ذلك، إلى أن
اكتشف من كان حاضرا في تلك المعركة أنه لا يمكن لأحد أن يبرز له، حينها أذن لك
رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
ولم يؤخرك حرصا عليك، وإنما أخرك ليعرف الجمع مقامك.
وعندما برزت له، ونظر رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إليك، وإلى الأنوار التي تشع منك، قال: (برز الايمان
كلّه إلى الشرك كلّه)[1]
وعندما دنوت من عدوك اللدود صاحب القوة والبطش، لم تستعجل بضربه، وإنما رحت
تدعوه إلى الله،وتقول له: (يا عمرو إنّك كنت تقول: لا يدعوني أحد إلى ثلاث إلاّ
قبلتها أو واحدة منها)، قال: أجل، فقلت: (إنّي أدعوك إلى شهادة أن لا إله إلاّ
الله، وأنّ محمداً رسول الله، وأن تسلم لربّ العالمين)، فقال: أخّر هذا عنّي، فقلت:
(أما أنّها خير لك لو أخذتها)، ثمّ قلت له: ها هنا أخرى، قال: وما هي؟ قلت: ترجع
من حيث أتيت، قال: لا، تحدّث نساء قريش عنّي بذلك أبداً، فقلت: ها هنا أخرى، قال:
وما هي؟ قلت: أبارزك وتبارزني.
[1] كشف الغمة: 1/205، وإعلام
الورى ص194 ، ومناقب آل أبي طالب: 3/136.
نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 26