نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 48
قائل لكم
قولاً إن قبلتموه قبلت أمركم، وإلّا لا حاجة لي فيه.. قالوا: ما قلت من شيء قبلناه
إن شاء الله. فجاء فصعد المنبر، فاجتمع الناس إليه، فقال: إني قد كنت كارهاً
لأمركم، فأبيتم إلا أن أكون عليكم؛ ألا وليس لي أمر دونكم، إلا أن مفاتيح مالكم
معي، ألا وإنه ليس لي أن آخذ درهماً دونكم. رضيتم؟! قالوا: نعم.. قال: اللهم اشهد
عليهم. ثم بايعوه على ذلك[1].
وقد ذكر
المؤرخون نص البيعة، وما تحمله من معان سامية، فقد ذكروا أن الذي كان يأخذ البيعة
عمار بن ياسر، وأبو الهيثم بن التيهان، وهما يقولان: (نبايعكم على طاعة الله وسنة
رسوله a، وإن لم نف لكم، فلا طاعة لنا
عليكم، ولا بيعة في أعناقكم. والقرآن إمامنا وإمامكم)[2]
المبادئ.. لا المصالح:
هكذا كانت
بيعتك ـ سيدي ـ واضحة نقية شرعية.. ليس فيها إكراه ولا خداع ولا تكليف للرعية بما
لا تطيق.. وهكذا كان الأمر بعد مبايعة الناس لك..
فقد كان
يمكنك أن تمارس ما يمارسه غيرك من استعمال الوسائل المختلفة التي تهيئ لك أمرك،
وتيسر عليك المضي في حكمك..
كان يمكنك في
ذلك الحين الصعب أن تشتري أصحاب القلوب المريضة، والنيات الفاسدة، والانتهازيين
ليتحولوا إلى صفك.. ولتستعملهم بعد ذلك كما تشاء.. لكنك لم تفكر أبدا في مصالحك
الآنية.. وإنما كنت تفكر فقط في مبادئك وقيمك التي رباك عليها رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم..
لقد ذكرت
ذلك، فقلت: (أيّها النّاس: إن الوفاء توأم الصدق، ولا أعلم جنّة أوقى
[1] تاريخ الأمم والملوك ج4 ص427
و428، والكامل في التاريخ ج3 ص190.