نام کتاب : رسالة إلى الإمام علي نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 96
حرّم اللّه
عليهم، ووقفوا أسماعهم على العلم النّافع لهم، نزّلت أنفسهم منهم في البلاء كالّتي
نزّلت في الرّخاء، ولو لا الأجل الّذي كتب اللّه عليهم، لم تستقرّ أرواحهم في
أجسادهم طرفة عين، شوقا إلى الثّواب، وخوفا من العقاب) [1]
هذه أول صفات
المتقين.. وهي سعيهم وراء الفضائل.. ومسارعتهم لتحصيلها كما قال تعالى: ﴿وَسَارِعُواْ
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ
أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِين﴾ [آل عمران:133]، ولذلك فإنهم يعمرون كل جارحة من
جوارحهم بطاعة الله تعالى.. فكلامهم ذكر.. وصمتهم فكر.. ولباسهم لباس المقتصدين،
لا المترفين.. ومشيهم مشي المتواضعين، لا المختالين.. وآذانهم لا تسمع غيبة ولا
نميمة.. وإنما أوقفوها على طلب العالم النافع.. وهممهم تطير بهم إلى العالم
الآخر.. لا رغبة لها في الدنيا، ولا تثاقل منها إليها.
ثم ذكرت
المحرك لكل تلك الكمالات.. فقلت: (عظم الخالق في أنفسهم، فصغر ما دونه في أعينهم،، فهم والجنّة كمن قد رآها، فهم فيها منعّمون، وهم والنّار كمن قد رآها، فهم فيها معذّبون)[2]
هذه هي الدوافع
الكبرى التي حركت فيهم كل تلك الكمالات.. وأولها تعظيم الله، والذي تنشأ عنه كل
المعارف والمواجيد الإيمانية التي تجعل المتقي لا يرمي من كل
عمل يعمله إلا الله، والتقرب إليه.. وهو لذلك يعيش في صحبته، مكتفيا به، راضيا
عنه، مطمئنا إليه، متيقنا بما عنده.
لقد ذكرت سيدي
هذا الدافع العظيم كثيرا، واعتبرته الأصل، بل اعتبرت صاحبه حرا من كل غرض، فذكرت
عند تصنيفك لأنواع العباد: (أن قوماً عبدوا الله رغبةً، فتلك