نام کتاب : رسائل إلى القرابة المظلومة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 148
ثم رحت تذكرهم بما في القرآن الكريم من الحديث عن بني
إسرائيل، وأنه ليس خاصا ببني إسرائيل، فقرأت عليهم قوله تعالى: ﴿إِنَّا
أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ
الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ
بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ
تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً
وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون﴾
[سورة المائدة:44].
ثم علقت عليها بقولك: (فعاب علماء التوراة والاِنجيل
بتركهم ما استحفظهم من كتابه، وجَعَلَهم عليه شهداء خشية الناس، ومواتاة للظالمين،
ورضاً منهم بأعمال المفسدين. فلم يوَثروا الله بالخشية فسخط الله عليهم لمّا
اشتروا بآياته ثمناً قليلاً، ومتاعاً من الدنيا زائلاً. والقليل عند الله الدنيا
وما فيها من غضارتها وعيشتها ونعيمها وبهجتها، ذلك بأنّ الله هو علاّم الغيوب، قد
علم بأنّ ركوب معصيته، وترك طاعته، والمداهنة للظلمة في أمره ونهيه، إنّما يلحق
بالعلماء للرهبة والرغبة من عند غير اللّه، لأنّهم علماء باللّه، وبكتابه وبسنّة
نبيّه a)[1]
ثم رحت تبين لهم أن ضريبة الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر هي التضحية بالنفس في سبيل الله، فقلت لهم: (ولعمري لو لم يكن نال علماء
الأزمنة من ظلمتها، وأكابرها، ومفسديها، شدة وغلظة وعداوة، ما وصّاهم الله تعالى
وحذّرهم. ذلك أنّهم ما ينالون ما عند الله بالهوينا ولا يخلدون في جنّته بالشهوات،
فكره الله تعالى للعلماء ـ المستحفظين كتبه وسنّته وأحكامه ـ ترك ما استحفظهم،
رغبة في ثواب من دونه، ورهبة عقوبة غيره) [2]
ثم رحت تبين لهم أن المزية التي ميز بها العلماء عن
سائر الناس ليس كثرة حفظهم،