حدثينا
عنهم جميعا.. فلا يمكن أن نسير في طريق الكمال والتضحية، ونحن لا نشنف آذاننا
بسماع أحاديثهم، أو نعطر قلوبنا بشم روائحهم الزكية.
ولا
تنسي يا رمال الطفوف أن تحدثينا عن ذلك الذي لم يدع لأحد من الناس وصف تضحيته
وشهادته.. بل تولاها بنفسه.. لتبقى عبرة للأجيال.. فهو يعلم من صباه الباكر المصير
الذي سيصير إليه، والتضحية التي ندب لها.. والوظيفية التي وكلت إليه.
لقد
قال حين عزم على مغادرة الحجاز والتوجه الى العراق: (كأني بأوصالي تقطعها عسلان
الفلاة بين النواويس وكربلا، فيملأن مني أكراشا جوفا، وأجربة سغبا، لا محيص عن يوم
خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه، ويوفينا أجور الصابرين، لن
تشذ عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس، تقربهم عينه، وينجز بهم وعده، ألا ومن كان
فينا باذلا مهجته، موطنا على لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مصبحا إن شاء
الله تعالى)[2]
وهذا
كاف للعقول التي تسلم لربها، لتعلم أن الإمام الحسين لم يتحرك أي حركة بإملاء من
اجتهاد أو رأي .. بل حركاته كلها مضبوطة بموازين النبوة ووصاياها، كما عبر عن ذلك
بقوله: (لن تشذ عن رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
لحمته)
ولذلك
كانت حركته ليست مرتبطة بعصره فقط، بل هي مرتبطة بجميع العصور.. والإمام الحسين
بتلك التضحيات أراد أن يعيد للأمة وعيها، لتنهض من جديد، وباستعمال